مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَتْرُكَ لَهُ الْكَسْبَ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْرِضَ عَنِ الْكَسْبِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَوَجَدَ الْإِمَامُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ لَو يَجُزْ أَنْ يُوَلِّيَ مَنْ يَطْلُبُ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لِلْمَصَالِحِ وَلَا مَصْلَحَةَ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْمُتَبَرِّعِ فَإِنْ عُدِمَ الْمُتَبَرِّعُ وَلِلْمُوَلَّى كِفَايَتُهُ كُرِهَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ رِزْقًا لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ وَتَحْرُمُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَضَاءِ كَأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ لِمَنْ تَعَيَّنَ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ مُطْلَقًا مَعَ إِكْرَاهِهِ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَاتَّفَقَتِ الْأَئِمَّةُ وَالْأُمَّةُ فِيمَا عَلِمْتُ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِجَارَةِ وَأَصْلُ الْإِرْزَاقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْزَقَ عَتَّابَ بْنَ أُسِيدٍ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فِي السَّنَةِ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً وقَوْله تَعَالَى {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} التَّوْبَة 60 فَيُقَاسُ عَلَيْهَا جَمِيع الْمصَالح قَاعِدَة لايجتمع الْعِوَض والمعوض لشخص وَاحِد لَيْلًا تَبْطُلَ حِكْمَةُ الْمُعَاوَضَةِ وَكَذَلِكَ امْتَنَعَ أَخْذُ السَّابِقِ فِي حلبة الْخَيل أَو الرُّمَاة الرَّهْن لَيْلًا يَكُونَ الْمُنْتَفِعُ هُوَ الْآخِذَ وَاشْتُرِطَ الْمُحَلَّلُ وَامْتَنَعَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّ ثَوَابَهَا لِلْإِمَامِ وَكَذَلِكَ لِلْقَاضِي أَجْرُ حُكْمِهِ لَهُ فَهُوَ يَعْمَلُ لنَفسِهِ تمهيد الْأَعْمَال ثَلَاثَة أَقسَام أُجْمِعَ عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ فِيهِ كَالْخِيَاطَةِ وَقِسْمٌ أُجْمِعَ فِيهِ عَلَى الْمَنْعِ كَالْإِيمَانِ وَالصِّيَامِ وَقِسْمٌ مُخْتَلف فِيهِ كَالْحَجِّ والإمامة وَالْأَذَان بِوُجُوب شَائِبَتَيْنِ حُصُولِ النَّفْعِ لِلنَّافِعِ بِالثَّوَابِ وَالْمُسْتَأْجِرِ بِالْمُلَازَمَةِ فِي الْمَكَانِ الْمُخَصَّصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ هَذَا فِي الْقَضَاءِ لَكِنْ عَرَضَ أَمْرٌ عَظِيمٌ وسهو هُوَ أَنَّ مَنْصِبَ الْقَضَاءِ مَنْصِبُ النُّبُوَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَابَلَ بِالْعِوَضِ