الْحُيَّضَ فِي الْقُبُلِ وَيَأْتُونَهُنَّ فِي الدُّبُرِ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاعْتِزَالِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَأَبَاحَ بَعْدَ الطُّهْرِ الْقُبُلَ فَقَطْ بِقَوْلِهِ {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} . الثَّانِيَةُ لَيْسَ عَلَى وَاطِئِ الْحَائِضِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ الْغَصْبِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ دَلِيل يقررها وَلم يُوجد فيقرر. وَقَالَ الشَّافِعِي وَابْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ يُكَفِّرُ وَأَوْجَبَ الْحَسَنُ كَفَّارَةَ رَمَضَان وَأحمد يُخبرهُ بَيْنَ دِينَارٍ وَنِصْفِ دِينَارٍ وَقَتَادَةُ يُوجِبُ بِإِصَابَتِهِ فِي الدَّمِ دِينَارَيْنِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ نِصْفَ دِينَارٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ يُوجِبُ إِنْ أَصَابَهَا أَوَّلَ الدَّمِ دِينَارًا وَفِي آخِرِهِ نِصْفَ دِينَارٍ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْأُمُور مِنْهُم اسْتِحْسَانٌ لِدَفْعِ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ فَرْعٌ فِي الْجَوَاهِرِ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ خلافًا للأبي حنيفَة فِي إِبَاحَتِهِ ذَلِكَ إِذَا انْقَضَى أَكْثَرُ الْحَيْضِ وَهُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ عِنْدَهُ أَوْ وُجِدَ مَعْنًى يُنَافِي حُكْمَ الْحَيْضِ مِثْلَ حُضُورِ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِآخِرِ الْوَقْتِ أَوْ يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ وَوَافَقَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْإِبَاحَةِ. لَنَا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يطهرن فَإِذا تطهرن فأتوهن} فَاشْتَرَطَ انْقِطَاعَ الدَّمِ وَالْغُسْلَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْغُسْلُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التوابين وَيُحب المتطهرين} مَدْحًا وَحَثًّا عَلَى التَّطْهِيرِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُكْتَسَبٌ وَانْقِطَاعُ الدَّمِ لَيْسَ بِمُكْتَسَبٍ. وَأَمَّا قَول أبي حنيفَة إِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الدَّمُ فَيَزُولُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بِانْقِطَاعِهِ قَبْلَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَلَوْ تييمت عَلَى مَذْهَبِنَا فَفِي جَوَازِ وَطْئِهَا بَعْدَ أَيَّامِ الدَّمِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ هَلْ يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَمْ لَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015