(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (صَلَّى اللَّهُ عَلَى سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم تَسْلِيمًا)
لَمَّا كَانَتِ الْحَمَالَةُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ أَمْكَنَ الِاجْتِمَاعُ عَلَيْهَا سُؤَالٌ كَيْفَ يَكُونُ الْحَقُّ لِلْوَاحِدِ فِي مَحَلَّيْنِ وَالْوَاحِدُ لَا يَتَعَدَّدُ مَحَلُّهُ أَمْ يُقَالُ انْقَسَمَ أَوْ تَعَدَّدَ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّ نِصْفَ الْحَقِّ عَلَى هَذَا وَنِصْفَهُ عَلَى الْآخَرِ وَلَا أَنَّ بِسَبَبِ الْحَمَالَةِ صَارَ الْأَلْفُ أَلْفَيْنِ وَجَوَابُهُ أنَّ ثُبُوتَ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ تَقْدِيرٌ شَرْعِيٌّ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُقَدِّرُ الشَّرْعُ النَّقْدَيْنِ فِي الْأَثْمَانِ وَالْأَعْيَانِ فِي السَّلمِ وَالْإتْلَافِ وَغَيْرِهِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَتْ ثَمَّ حَقِيقَةُ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِبِلَ لَيْسَتْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا لَاحْتَاجَتْ لِلْعَلْفِ وَالسَّقْيِ فَهِيَ حِينَئِذٍ تَقْدِيرَاتٌ شَرْعِيَّةٌ لِأُمُورٍ مَعْدُومَةٍ يُقَدِّرُهَا الشَّرْعُ مَوْجُودَةً ثُمَّ ذَلِكَ الْمُقَدِّرُ لِلشَّرْعِ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ مَعَ إِيجَادِهِ بِنِسَبٍ مُتَعَدِّدَةٍ لِذِمَّةٍ أَوْ ذِمَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَالدِّيَةِ تُقَدَّرُ عَلَى جَمِيعِ الْعَاقِلَة فالواقع لعدد سَبَب فِي الْحَمَالَةِ لَا تَعَدُّدُ حَقٍّ وَلَا الْقسَامَة وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة وَفِي هَذَا الْبَاب ثَمَان مَسَائِلَ الْأُولَى قَالَ فِي الْكِتَابِ إِذَا تَكَفَّلَ كَفِيلَانِ بِمَالٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ عَنْ صَاحِبِهِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَالْغَرِيمُ وَغَرِمَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَالْغَرِيمُ