وَلَا يُقَالُ الْإِبْرَاءُ وَغَيْرُهُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلِ الدَّيْنُ بَاقٍ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَمْدًا فَصُولِحَ عَلَى الدَّمِ بِمَالٍ وُفِّيَ مِنْهُ الدَّيْنُ وَلِأَنَّا نَقِيسُ حُكْمَ الْآخِرَةِ عَلَى حُكْمِ الدُّنْيَا احْتَجُّوا بِأَنَّهُ دَيْنٌ سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانه كَمَا بعد تالقضاء وَالْإِبْرَاءِ وَلِأَنَّهُ مَاتَ مُفْلِسًا فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ كَالْمُكَاتِبِ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ سَبَبٌ يُنَافِي ابْتِدَاءَ الدُّيُونِ فَيُنَافِي الْحَمَالَةَ بِهَا قِيَاسًا لِلْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لم يبْق لَهُ ذِمَّة بِدَلِيلٍ حَوْلَ دِينِهِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانه قِيَاسا على الْمَعْدُوم وَالْمُطلق لِأَن الْكَفَالَةَ الضَّمُّ وَلَمْ تبْقَ ذِمَّةٌ يُضَمُّ إِلَيْهَا عِنْدَهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ لَا نُسَلِّمُ سُقُوطَ الْمُطَالَبَةِ بَلْ ذَلِكَ كَالْمُفَلِسِ فَلَوْ صُولِحَ عَلَى ذِمَّةِ الْعَمْدِ تُوجِّهَتِ الْمُطَالَبَةُ ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّ فِي الْإِبْرَاء وَالْقَضَاء سقط الدّين مُطلقًا وَهَا هُنَا تَأَخَّرَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ دَيْنَ الْمُكَاتِبِ سَقَطَ لِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَأَسْبَابُ دَيْنِ الْمَيِّتِ بَاقِيَةٌ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يُنَافِ تَعَلُّقَهُ بِالتَّرِكَةِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ وَتَعَلُّقَهُ بِالضَّامِنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الضَّامِنَ لَهُ مَالٌ وَذِمَّةٌ وَالتَّرِكَةُ لَا يَتَعَدَّى الدَّيْنُ عَنْهَا عَنِ الرَّابِعِ بَلْ ذِمَّتُهُ بَاقِيَةٌ
لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ مَا تَنْفَعُهُ صَلَاتِي وَذِمَّتُهُ مُرْتَهِنَةٌ فِي قَبْرِهِ بِدَيْنِهِ وَإِنَّمَا حَلَّ الدَّيْنُ لِأَنَّ الْأَجَلَ الرِّفْقُ وَالْمَيِّتُ لَا يَرْتَفِقُ وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ تَفْرِيعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ قَالَ أَشْهَبُ إِذَا تَحَمَّلَ عَنِ الْمَيِّتِ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ يَوْمَ تَحَمَّلَ لَزِمَهُ الْغُرْمُ وَلَا يَرْجِعُ إِنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَوْمَ تَحَمَّلَ رَجَعَ فِيهِ إِذَا قَالَ إِنَّمَا تَحَمَّلْتُ لِأَرْجِعَ قَالَ مَالِكٌ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ الْحَمَالَةُ بِالدَّيْنِ الْمَجْهُولِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةُ مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ إِلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يُخْلَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّرِكَةِ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ شَيْءٍ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَبَيْنَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ