الْأَمَانَةَ لِمَنِ ائْتَمَنَكَ وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ الْخِيَانَةُ حَرَامٌ غَيْرَ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ وَالْكَرَاهِيَةُ وَالْإِبَاحَةُ وَاسْتِحْبَابُ الْأَخْذِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا وَالتَّفْرِقَةُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ وَإِلَّا فِيمَا يَجِبُ فِي الْمُحَاصَّةِ فَقَطْ قَالَهُ مَالِكٌ وَزَادَ ابْنُ نَافِعٍ إِنْ أَمِنَ أَنْ يَحْلِفَ كَاذِبًا فَأَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ أَن يحلف مَاله عِنْدِي حَقٌّ عَلَى مَا رَوَى أَصْبَغُ وَقَالَ ابْن شعْبَان يحلف مَاله عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَلَا غَيْرُهَا بِخِلَافِ الْحُقُوقِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا تَلْزَمُ ذِمَّتَهُ إِلَّا بِالتَّفْرِيطِ وَمَا لَا يَلْزَمُ يَحْلِفُ عَلَى أَقَلَّ مَا يُبَرِّئُهُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ كَانَ يَأْخُذُ الْوَدِيعَةَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ زَادَ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَا وَجَبَ لَهُ فِي ذِمَّتِي حَقٌّ بِسَبَبِ الْوَدِيعَةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فَرَّطَ فِيهَا فَوَجَبت فِي ذمَّته فَيصدق مَاله عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ قِيمَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا وَعِنْدَ ش يَأْخُذُ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَمْ لَا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ بَلْ يَتْبَعُهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ جِنْسَ حَقِّهِ قَالَ وَأَظْهَرُ الْأَقَاوِيلِ إِبَاحَةُ الْأَخْذِ لِقَوْلِ رَسُولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ لَمَّا شَكَتْ إِلَيْهِ أَنَّ زَوجهَا أَبَا سُفْيَان لَا يعطيهما مِنَ الطَّعَامِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ فَقَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ لَا تَزِدْ عَلَى مَا تَسْتَحِقُّ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ لِأَنَّ آخِذَ حَقِّهِ لَيْسَ بِخَائِنٍ بَلِ امْتَثَلَ أَمْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِهِنْدٍ فَلَا تَتَعَارَضُ الْأَحَادِيثُ مَعَ أَنَّ سَبَبَ الْحَدِيثِ السُّؤَالُ عَنْ وَطْءِ امْرَأَةٍ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا رَجُلٌ قَدْ كَانَ هُوَ ائْتَمَنَهُ عَلَى امْرَأَةٍ فَخَانَهُ فِيهَا وَوَطِئَهَا فَنَهَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ مُقَابَلَةِ الزِّنَى بِالزِّنَى وَالِاحْتِجَاجُ لِأَصَحِّ قَوْلَيْ مَالِكٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَقِيلَ إِذَا جَحَدَكَ ذَهَبًا فَوَجَدْتَ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ وَلَا بَيْعُهُ بِمِثْلِ مَا كَانَ لَكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْكَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَبِهِ أَقُولُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ