وَفِيهِ مُقَدِّمَةٌ وَأَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ الْمُقَدِّمَةُ فِي اشْتِقَاقِهِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْعِ وَهُوَ التَّرْكُ وَمِنْهُ
قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَدِدْتُ أَنْ أُخَالِفَ إِلَى بُيُوتِ أَقْوَامٍ فَأَضْرِمُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ نَارًا لِوَدْعِهُمُ الْجَمَاعَةَ أَيْ لِتَرْكِهِمُ الْجَمَاعَةَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلا} أَيْ مَا تَرَكَ عَادَةَ إِحْسَانِهِ فِي الْوَحْيِ إِلَيْكَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ ادَّعَوْا ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنهُ الْوَحْي وَمن خَصَائِصه هَذَا الْمَصْدَرِ أَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَسْتَعْمِلْ فِعْلَهُ ماضي اسْتِغْنَاءً بِ تَرَكَ فَتَقُولُ تَرَكَ وَلَا يَقُولُونَ وَدَعَ إِلَّا شَاذًّا وَلَمَّا كَانَ الْمُودِعُ يَتْرُكُ لَك مَا لَهُ عنْدك عِنْده سُمِّيَ وَدِيعَةً وَقِيلَ هِيَ مِنَ الدَّعَةِ وَهِيَ مِنَ السُّكُونِ وَخَوْضِ الْعَيْشِ لِأَنَّ الْمَالَ سَاكِنٌ عِنْدَ الْمُودَعِ وَالْأَوَّلُ الصَّحِيحُ لِظُهُورِ الْوَاوِ فِي أَولهَا وَالْوَاو فِي ودع مُخَفّفَة وَهِي فعلية بِمَعْنى مفعولة بِنَحْوِ قَتِيلَةٍ بِمَعْنَى مَقْتُولَةٍ وَجَرِيحَةٍ بِمَعْنَى مَجْرُوحَةٍ لَا مِنْ بَابِ رَحِيمَةٍ بِمَعْنَى رَاحِمَةٍ وَلَا بِمَعْنَى عَلِيمَةٍ بِمَعْنَى عَالِمَةٍ وَفَعِيلٌ أَبَدًا شَأْنُهُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ أَحَدُهُمَا بِخُصُوصِ الْمَادَّة الَّتِي وَقع الْكَلَام فِيهَا