بَلْ يُصَدَّقُ بِغَيْرِهَا كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْيَتِيمِ بَلْ هَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْيَتِيمِ مُمْكِنٌ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَلِأَنَّ الْقَوْلَ بِاشْتِرَاطِهَا يُؤَدِّي إِلَى ذَهَابِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَبُطْلَانِ حِكْمَةِ الِالْتِقَاطِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ شَرْطًا لَحَرُمَ الِالْتِقَاطُ لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي مَوْضِعِهَا يَقْرُبُ أَخْذُهَا لِمَالِكِهَا وَالِالْتِقَاطُ يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَمَنْعُ الْإِنْسَانِ مِنْ مَالِهِ حَرَامٌ وَلَا يُقَالُ لَوِ ادَّعَى السَّرِقَةَ لَمْ يَأْخُذْ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَتِ الْبَيِّنَةُ مُتَعَذِّرَةً عِنْدَ السَّرِقَةِ لأَنا نقُول السّرقَة يَدَّعِي لِنَفَسِهِ بِخِلَافِ الْمُلْتَقِطِ وَقَدْ قَالَ مَالِكُ فِي قطاع الطَّرِيق لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ الْمَتَاعُ مِنْ أَيْدِيهِمْ بِالْعَلَامَاتِ مِنْ عَدَدٍ وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَاللُّقَطَةِ لِأَنَّهُمْ يَدْعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ كَاللُّقَطَةِ سَوَاءٌ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيِّنَةَ عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَالطَّالِبُ مُدَّعٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَلِأَنَّهَا دَعْوَى فَلَا يَسْتَقِلُّ بِإِثْبَاتِهَا الْوَصْفُ كَسَائِرِ الدَّعَاوى وَلِأَنَّ الْيَدَ تُنَازِعُهُ فَلَا يَنْدَفِعُ إِلَّا بِحُجَّةٍ وَهِيَ الْبَيِّنَةُ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى الْجَوْدَةِ لَا عَلَى الْإِجْبَارِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذِهِ الْقَوَاعِدِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْيَمِينَ على من أنكر وَالْبَيِّنَة تُقَام عَلَيْهِ وَهَا هُنَا لَا مُنْكِرَ فَلَا يَمِينَ وَلَا بَيِّنَةَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكُمْ لَكِنَّهُ عَامٌ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ خَاصٌّ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ عَنِ الثَّانِي أَنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْرِهَا مُتَيَسِّرٌ بِخِلَافِهَا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ مَتَاعَهُ يَقَعُ مِنْهُ فَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مَشْعُورٌ بِهِ فَطُلِبَتْ فِيهِ الْبَيِّنَة بل إِلْحَاق هَذِه المصورة بِنَفَقَةِ الْيَتِيمِ أَشْبَهُ عَنِ الثَّالِثِ أَنَّ الْمُنَازَعَةَ الْمُحْوِجَةَ لِلْبَيِّنَةِ عَنِ الْيَدِ الَّتِي يَدَّعِي صَاحِبُهَا الْمِلْكَ بِنَفْسِهِ لِيَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ أَحَدًا بَلْ صَاحِبُهَا يَقُولُ أَنَا