ثَانِيهُمَا أَنَّهُ رُوِيَ فِي رِوَايَةٍ مَشْهُورَةٍ فَشَأْنُكَ بِهَا فَفَوَّضَهَا لِاخْتِيَارِهِ فَتُحْمَلُ الرِّوَايَاتُ الْأُخَرُ عَلَى مَا بَعْدَ الِاخْتِيَارِ جَمْعًا بَيْنَهَا عَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْحَطَبَ وَالصَّيْدَ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَكَانَ الْأَمْرُ فِي انْتِقَالِهِ أَيْسَرَ وَعَنْ قِيَاسِ ح الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا مَعْلُومٌ فَاشْتَرَطَ رِضَاهُ كَالْبَيْعِ وَهَذَا مَجْهُولٌ أَشْبَهَ الْمَفْقُودَ فَضَعُفَ مِلْكُهُ وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى وُجُوبِ رَدِّهَا إِذَا جَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا أَوْ بَدَلَهَا إِنْ فَقَدَهَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُخَيَّرُ مَالِكُ اللُّقَطَةِ وَمعنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَشَأْنُكَ بِهَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إِمْسَاكِهَا لِصَاحِبِهَا وَيَزِيدُ فِي تَعْرِيفِهَا وَبَيْنَ التَّصَدُّقِ بِهَا وَيَضْمَنُهَا إِلَّا أَنْ يُجِيزَ صَاحِبُهَا الصَّدَقَةَ فَيَكُونُ لَهُ الْأَجْرُ وَقَالَ ح لَا يُنْفِقُهَا إِلَّا الْمُحْتَاجُ إِلَيْهَا وَجَوَّزَ ش الِاسْتِنْفَاقَ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يُنْفِقُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَفَاءٌ بِهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يحل مَال امرء مُسلم إِلَّا عَن طيب نفس مِنْهُ فَتحصل فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ فَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبَ مَالِكٍ الْمَنْعَ مُطْلَقًا هُوَ خِلَافُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَالشُّرَّاحِ كَمَا تَرَى وَحُكِيَ أَيْضًا أَنَّ لُقَطَةَ مَكَّةَ لَا تُسْتَنْفَقُ إِجْمَاعًا بَلْ تُعَرَّفُ أَبَدًا وَسَتَقِفُ عَلَى الْخِلَافِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يُكْرَهُ لَهُ أَكْلُهَا غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ أَكْلُهَا إِن كَانَت قَليلَة وَهُوَ قَلِيل كَذَا فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ فَرْعٌ مُرَتَّبٌ وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّمَلُّكِ فَهَلْ سَائِرُ اللُّقَطَةِ سَوَاءٌ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا فَفِي الْجَوَاهِرِ الْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ وَقَالَهُ ابْن حَنْبَل وح وَقَالَ ش لَا تُلْتَقَطُ إِلَّا لِلْحِفْظِ وَالتَّعْرِيفِ أَبَدًا وَوَافَقَهُ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالدَّاوُدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مِنَّا لَنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015