وَقَدْ جَمَعْتُ لَهُ مِنْ تَصَانِيفِ الْمَذْهَبِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ تَصْنِيفًا مَا بَيْنَ شَرْحٍ وَكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ خَارِجًا عَنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يَجِدُ فِيهَا فَرْعًا إِلَّا نَقَلْتُهُ مُضَافًا لِمَا جَمَعْتُهُ وَأُطَالِعُهَا جَمِيعَهَا قَبْلَ وَضْعِ الْبَابِ وَحِينَئِذٍ أَضَعُهُ وَمَا كَانَ مِنَ الْفُرُوعِ يَنْدَرِجُ تَحْتَ غَيْرِهِ تَرَكْتُهُ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَةِ اللَّفْظِ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَأَقْصِدُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُهُ خَالِيًا عَنِ التَّطْوِيلِ الْمُمِلِّ وَالِاخْتِصَارِ الْمُخِلِّ وَأُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ مُقَدِّمَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا فِي بَيَانِ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ وآدابه ليَكُون ذَلِك معدنا وَتَقْوِيَةً لِطُلَّابِهِ وَالْمُقَدِّمَةُ الْأُخْرَى فِي قَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ وَمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ نَفَائِسِ الْعِلْمِ مِمَّا يَكُونُ حِلْيَةً لِلْفَقِيهِ وَجُنَّةً لِلْمُنَاظِرِ وَعَوْنًا عَلَى التَّحْصِيلِ وَبَيَّنْتُ مَذْهَبَ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِيَظْهَرَ عُلُوُّ شَرَفِهِ فِي اخْتِيَارِهِ فِي الْأُصُولِ كَمَا ظَهَرَ فِي الْفُرُوعِ ويطلع الْفَقِيه على مُوَافقَة لِأَصْلِهِ أَوْ مُخَالَفَتِهِ لَهُ لِمُعَارِضٍ أَرْجَحَ مِنْهُ فَيَطْلُبَهُ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَى مَدْرَكِهِ وَيُطْلِعَ الْمُخَالِفِينَ فِي الْمُنَاظَرَاتِ عَلَى أَصْلِهِ وَأُنَقِّحُ إِنْ شَاءَ كِتَابَ الْفَرَائِضِ وَأُمَهِّدُ قَوَاعِدَهُ وَمَا عَلَيْهَا مَنْ نُقُوضٍ وَأُقَرِّرُ مَا أَجِدُهُ وَأُودِعُ فِيهِ مِنَ الْجَبْرِ وَالْمُقَابَلَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ فِي كُتُبِنَا بَلْ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مِنَ الْأَسْرَارِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ كَثِيرٌ مِنْ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَالْوَصَايَا وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ إِلَّا بِهَا وَأُمَهِّدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ كِتَابَ الْجَامِعِ مِنْهُ تَمْهِيدًا جَمِيلًا وَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَى هَذِهِ الْمَقَاصِدِ وَمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ سَمَّيْتُهُ بِالذَّخِيرَةِ