أَمَّا الْحَقِيقَةُ: فَالْغَصْبُ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ قهرا وعدواناً وَهَذِه الْحَقِيقَة مستمرة بالفسيق وَالضَّمَانِ وَالْعُقُوبَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَأَمَّا الِاسْمُ فَهُوَ يُسَمَّى غَاصِبًا انْتِهَاءً وَابْتِدَاءً وَلِأَنَّهَا إِذَا تَلِفَتْ تُقَوَّمُ حَامِلًا وَسَمِينَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَلَوْلَا ثُبُوتُ الْيَدِ وَالضَّمَانِ لَمْ تُقَوَّمْ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا حَدَثَ عَنْ أَصْلٍ مَضْمُونٍ بِيَدٍ عَادِيَّةٍ فَيُضْمَنُ كَنَمَاءِ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ إِذَا سَمَّنَ الصَّيْدَ عِنْدَهُ أَوْ حَمَلَ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ هَزَلَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَكِلَاهُمَا مَأْمُورٌ بِالتَّرْكِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَحْتَ يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا كَأُصُولِهَا وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُقُودِ تُشْتَرَى لِلزَّوَائِدِ تَبَعًا أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ وَالْغَصْبُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ إِنَّمَا يَسْرِي لِلْمَنْعِ وَالْعُقُودُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْمِلْكَ فَكَانَتْ أَقْوَى فَلِذَلِكَ امْتَنَعَتِ الزَّوَائِدُ وَعَنِ الثَّانِي: الْفَرْقُ بِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُهَا بَعْدَ الْغَصْبِ وَلَمْ يَتَجَدَّدْ فِعْلٌ عِنْدَ حُدُوثِ هَذِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ الْغَصْبَ حَقِيقَةٌ كَالسَّرِقَةِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهَا فَكَمَا أَنَّ السَّارِقَ لَا يُعَدُّ سَارِقًا بِمَا فِي يَدِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مَضَى عَلَيْهِ وَإِلَّا لَثَبَتَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ كَمَا إِذَا سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ ثُمَّ صَارَ نِصَابًا بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فِي يَدِهِ وَالْمُشْتَرِي لَا يُعَدُّ مُشْتَرِيًا فِي كُلِّ زَمَانٍ بِدَلِيلِ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْهُ بِالْجُنُونِ وَغَيْرِهِ فَكَذَلِكَ الْغَاصِبُ فَإِنْ قِيلَ: الْغَصْبُ فِعْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ فِعْلٌ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالشِّرَاءُ قَوْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْقَوْلِ لَيْسَتْ قَوْلًا قُلْنَا: يَبْطُلُ بِالسَّرِقَةِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ وَلَا يُسَمَّى صَائِدًا لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ مُحَرَّمًا فَلَا يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ وَلَا مُحْتَشًّا لِأَنَّهُ قَدْ تَذْهَبُ قدرته وَلَا فعل مَعَ الْقُدْرَة فَتبْطل الْحَقِيقَة وَالِاسْم وَالْحكم إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ فَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ لَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015