أَنَّهَا من مَالهم من ثَلَاثَة أوجه: أحده: أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ الْعَادِلِ بِالْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ مُتَمَوَّلٌ وَثَانِيهَا: إِيجَابُ الْعُشْرِ فِي ثَمَنِهَا وَلَا يَجِبُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ وَثَالِثُهَا: تَسْمِيَةُ مَا يُقَابِلُهَا ثَمَنًا وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي بَيْعٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إِلَّا فِي مُتَمَوَّلٍ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِر أشريتهم وَأَمْوَالِهِمْ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَيْهِمْ بِاعْتِقَادِهِمْ لَا بِاعْتِقَادِ القَاضِي أَنه لايوجب عَلَيْهِمُ الْحَدَّ فِيهَا وَيَقْضِي لَهُمْ بِثَمَنِهَا إِذَا بَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ وَيُقِرُّهُمْ عَلَى مَسِّهَا وَشُرْبِهَا وَجَعْلِهَا صَدَاقًا وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا وَكَذَلِكَ نُقِرُّهُمْ عَلَى أَنْكِحَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ عِنْدَنَا فَكَذَلِكَ كَوْنُهَا مَالًا وَمَضْمُونَةً وَلِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ وَقَعَ عَلَى إِقْرَارِهِمْ على شربهَا وَالتَّصَرُّف فِيهَا بِسُقُوط تضمينها نقضا لأمانهم وحملاً لِلنَّاسِ عَلَى إِرَاقَتِهَا أَوْ نَقُولُ: إِنَّ الْخَمْرَ غَيْرُ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِمْ فَتَكُونُ مُتَمَوَّلَةً أَمَّا عَدَمُ تَحْرِيمِهَا: فَلِأَنَّ الْخَمْرَ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر - إِلَى قَوْله تَعَالَى - وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَن الصَّلَاة} فَخَصَّصَ بِخِطَابِ التَّحْرِيمِ الْمُؤْمِنِينَ وَلِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَلَا عَجَبَ فِي اسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَنْهُمْ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ عَنْهُمْ وَلِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ عُصِمَتْ دِمَاؤُهُمْ عَنِ السَّفْكِ وَأَعْرَاضُهُمْ عَنِ الثَّلْمِ وَأَمْوَالُهُمْ عَنِ النَّهْبِ وَأَزْوَاجُهُمْ عَنِ الْوَطْءِ مَعَ وُجُودِ سَبَبِ عَدَمِ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الْكُفْرُ فَكَذَلِكَ الْخَمْرُ لَا تَمْنَعُ مَفْسَدَةُ الْإِسْكَارِ تَمَوُّلَهَا وَعِصْمَتَهَا وَيُؤَكِّدُهُ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَنْعِ إِرَاقَتِهَا وَوُجُوبِ رَدِّهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا إِنَّمَا الْخِلَافُ إِذَا تَعَدَّى فَأَتْلَفَهَا وَلِأَنَّ الْخمر يتَعَلَّق بهَا عندنَا وجوب الحدا وَسُقُوطُ الضَّمَانِ وَقَدْ خَالَفَ الذِّمِّيُّ الْمُسْلِمَ فِي