وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ يَغْسِلُ بَاطِنَهُمَا مَعَ الْوَجْهِ وَيَمْسَحُ ظَاهِرَهُمَا مَعَ الرَّأْسِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ يُغْسَلَانِ مَعَ الْوَجْهِ. حُجَّةُ الْأَوَّلِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِقْدَادَ وَالرَّبِيعَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ذَكَرُوا وُضُوءَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَكُلُّهُمْ مَسَحَ أُذُنَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَفِيهِمَا عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ إِلَّا أَنَّهُ يَرْوِيهِ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَقَدْ تكلم فِيهِ. حجَّة الثَّانِي قَالَ المزري إِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ مَسْحَهُمَا لَا يُجْزِئُهُ عَنِ الرَّأْسِ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الرَّأْسِ يُجْزِئُ مَسْحُهُ. حُجَّةُ الثَّالِث قَول عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي سُجُودِهِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ فَأَضَافَهُمَا لِلْوَجْهِ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْوَجْهَ يُرَادُ بِهِ هُنَا الْجُمْلَةُ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخُضُوعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْمَجَازُ جَائِزٌ كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبك} أَيْ ذَاتُهُ وَصِفَاتُهُ. وَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ فَأَضَافَهُمَا إِلَى الرَّأْسِ كَمَا أَضَافَ الْعَيْنَيْنِ إِلَى الْوَجْهِ. وَأَمَّا تَجْدِيدُ الْمَاءِ فَقَدِ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ مَسْحَهُمَا سُنَّةٌ وَإِلَّا لَمُسِحَا مَعَ الرَّأْسِ بِمَائِهِ كَالصُّدْغِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّأْسِ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِي إنَّهُمَا سنة ويجدد المَاء لَهما. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يُجَدَّدُ مُحْتَجًّا بِأَنَّ كل من وصف وضوء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمْ يَنْقُلِ التَّجْدِيدَ بَلِ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ لَمْ يَذْكُرِ الْأُذُنَ أَصْلًا لِاعْتِقَادِ أَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْس.