الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَإِذَا قَالُوا لَا بُدَّ مَعَ الصَّرِيحِ مِنَ النِّيَّةِ الْمُرَادُ الثَّانِي بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُطْلِّقَ بِكَلَامِهِ النَّفْسَانِيِّ كَمَا يُطلق بِاللِّسَانِ فَإِن اللساني دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ مَعَ عَدَمِ الْمَدْلُولِ بَاطِلٌ وَإِذَا قَالُوا فِي الطَّلَاقِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ قَوْلَانِ مُرَادهم بالْكلَام النفساني وَيدل عَلَيْهِ استدلاهم بِأَنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا بِقَلْبِهِ وَالْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ خَبَرَانِ نَفْسَانِيَّانِ فَالتَّشْبِيهُ يَدُلُّ عَلَى التَّسَاوِي وَسَمَّاهُ ابْنُ الْجَلَّابِ اعْتِقَادًا لِأَنَّ كُلَّ مُعْتَقِدٍ مُخْبِرٌ عَنْ مُعْتَقَدِهِ فَالْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ لَازِمٌ لِلْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ فَعُبِّرَ عَنْهُ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُلَازَمَةِ وَالْمرَاد هَا هُنَا الْكَلَامُ النَّفْسَانِيُّ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْقَلْبِ دُونَ اللِّسَانِ فَهَل يلغوا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا نَصَبَ سَبَبَ اللَّفْظِ وَلَمْ يُؤَجِّلْ أَوْ يُعَبِّرْ نَظَرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِن يؤاخذهم بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} الْمَائِدَة 89 وَالْعَقْدُ إِنَّمَا هُوَ بِالْقَلْبِ فَإِذَا تَمَهَّدَ هَذَا تُنَزَّلُ أَقْوَالُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَالله أعلم