التَّفْضِيل
كَقَوْلِه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ وَأَقْرَأُكُمْ أُبَيٌّ وَأَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ وَأَعْلَمُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ من جَبَلٍ مَعَ فَضْلِ الصِّدِّيقِ عَلَى الْجَمِيعِ وَكَاخْتِصَاصِ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام بِِالْمُلْكِ الْعَظِيمِ وَنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِإِنْذَارٍ نَحْوَ أَلْفِ سَنَةٍ وَآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِكَوْنِهِ أَبَا الْبَشَرِ مَعَ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْجَمِيعِ فَلَوْلَا هَذِهِ الْقَاعِدَةُ لَزِمَ التَّنَاقُضُ وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْضِيلَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ إِنَّمَا هُوَ بِالطَّاعَاتِ وَالْأَحْوَالِ السَّنِيَّاتِ وَشَرَفِ الرِّسَالَاتِ وَعَظِيمِ الْمُثُوبَاتِ والدرجات العليات فَمن كَانَ فِيهَا أَتَمَّ فَهُوَ فِيهَا أَفْضَلُ إِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَضْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا
قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَابِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْمُتَعَلِّقِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا خَيْرٌ مِنْهَا فِي سَعَةِ الرِّزْقِ وَالْمَتَاجِرِ فَمَا تَعَيَّنَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَثَانِيهَا دُعَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهَا بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُطْلَقٌ فِي الْمَدْعُوِّ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَهُوَ الصَّاعُ وَالْمُدُّ وَثَالِثُهَا
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ أَخْرَجُونِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إِلَيَّ فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَيْكَ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ السِّيَاقَ يَأْبَى دُخُول مَكَّة فِي الْمفضل عَلَيْهِ لإياسه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إِلَيْكَ مَا عَدَاهَا مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ