قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى فَضْلِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَعِنْدَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ وَعِنْدَ ش وح وَغَيْرِهِمَا مَكَّةُ أَفْضَلُ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَزْمَانَ وَالْبِقَاعَ مُسْتَوِيَةٌ مِنْ حَيْثُ هِيَ أما الْأَزْمَان فَلِأَنَّهَا عِنْد الْمُتَكَلِّمين اقترانات الحوادات بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَمَفْهُومُ الِاقْتِرَانِ لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَاتِهِ وَأَمَّا الْبِقَاعُ فَلِأَنَّ الْجَوَاهِرَ مُسْتَوِيَةٌ وَإِنَّمَا اللَّهُ تَعَالَى فَضَّلَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِأُمُورٍ خَارِجَةٍ عَنْهَا قَاعِدَةٌ لِلتَّفْضِيلِ بَيْنَ جُمْلَةِ الْمَعْلُومَاتِ عِشْرُونَ سَبَبًا أَحَدُهَا بِالذَّاتِ كَتَفْضِيلِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُمْكِنِ وَالْعِلْمِ عَلَى الْجَهْلِ وَثَانِيهَا بِالصِّفَةِ الْحَقِيقِيَّةِ كَتَفْضِيلِ الْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ وَثَالِثُهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَفْضِيلِ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْكَافِرِ وَرَابِعُهَا بِكَثْرَةِ الثَّوَابِ الْوَاقِعِ فِي الْمُفَضَّلِ كَتَفْضِيلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَخَامِسُهَا لِشَرَفِ الْمَوْصُوفِ كَالْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الْقَدِيمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُحْدَثِينَ وَسَادِسُهَا لِشَرَفِ الصُّدُورِ كَشَرَفِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ لِكَوْنِ الرَّبِّ تَعَالَى هُوَ الْمُرَتِّبُ لِوَصْفِهِ وَنِظَامِهِ وَسَابِعُهَا لِشَرَفِ الْمَدْلُولِ كَتَفْضِيلِ الْأَذْكَارِ الدَّالَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا وَأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَثَامِنُهَا لِشَرَفِ الدَّلَالَةِ كَشَرَفِ الْحُرُوفِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَصْوَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَاسِعُهَا بِالتَّعْلِيقِ كَتَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى