بِالتُّرَابِ وَلقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
لَيْسَ الْمِسْكِينُ هُوَ الطَّوَّافُ عَلَى النَّاسِ فَتَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ قَالُوا فَمَا الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَسْأَلُ النَّاسُ شَيْئًا وَقَوْلُ الشَّاعِرِ
(أَمَّا الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ... وَفْقَ الْعِيَالِ فَلَمْ يتْرك لَهُ سبد)
فَجعل لَهُ حلوبا قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْفَقِيرُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَقَرْتُ لَهُ فِقْرَةً مِنْ مَالِي أَيْ أَعْطَيْتُهُ فَيَكُونُ الْفَقِيرُ مَنْ لَهُ قِطْعَةٌ مِنَ الْمَالِ وَالْمِسْكِينُ مِنَ السُّكُونِ وَلَوْ أَخَذَ الْفَقِيرُ مِنَ الَّذِي قَالُوهُ فَالَّذِي سَكَنَ عَنِ الْحَرَكَةِ أَقْرَبُ لِلْمَوْتِ مِنْهُ وَأما الْآيَة فَالْمُرَاد بالمساكين المقهورون كَقَوْلِه تَعَالَى {ضربت عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} الْبَقَرَة 61 وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْغِنَى وَمَعْنَى الْآيَةِ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِدَفْعِ الْملك عَن غصب سفينهم وَورد عل الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِسْكِينِ فِي قَوْلِهِ لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ أَيِ الْمِسْكِينِ الْكَامِلِ الْمَسْكَنَةِ وَلَا يلْزم من نَعته بِصفة الْكَمَالِ نَفْيُهُ مُطْلَقًا وَاللَّامُ تَكُونُ لِلْكَمَالِ قَالَهُ سِيبَوَيْهِ وَجَعَلَهَا فِي اسْمِ اللَّهِ لَهُ وَعَنِ الْبَيْت إِن الحلوبة لم يُتمهَا لَهُ إِلَّا فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي لِقَوْلِهِ كَانَتْ فِي زَمَنِ مَنْ سَمَّاهُ فَقِيرًا فَلَعَلَّهُ كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان غَنِيًّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ هُوَ الْعَامِلُ وَفِي الْجَوَاهِرِ نَحْوُ السَّاعِي وَالْكَاتِبِ وَالْقَاسِمِ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَالْفَقِيهُ وَالْقَارِئُ فَرِزْقُهُمْ مِنَ الْخَرَاجِ وَالْخُمْسِ وَالْعُشْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ سَنَدٌ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مَنْ يَسُوقُهَا وَيَرْعَاهَا وَهُوَ شَاذٌّ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ غَنِيًّا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي