يفتح عينيه على شيء يستحسنه إلا أسرعت الآفة إليه؛ وله في ذلك نوادر عجيبة، ولربما قال للنفيسة من نسائه: واري محاسنك عن عيني ما استطعت، فإني شاح عليك من عيني، وأنا أحب الاستمتاع بك، أو كلاماً هذا معناه، أخذته عن حظئةٍ له زادتني من عجائبه.

واستمر مع أهل قرطبة نحواً من ثمانية أشهر في أحسن عشرةٍ، ثم آنس منهم الكراهية لدولته، وبلغه أيضاً قيام المرتضى بشرقي الأندلس فعزم على إبادة أهل قرطبة وإخلائها، فلا يعود لأئمتهم المروانية سلطان آخر الدهر، ثم يعود إلى ساحله، ويجمع شمل برابرته، فيضرب بهم جميع الأندلس. فانقلب سريعاً ظن التجميل الذي كان يظهره لهم وانصرف إلى حزبه البربري فآثره، وأغضى على سوء ما كانوا عليه من الظلم والحيف، فوقع أهل قرطبة وغيرهم في حالتهم مدة سليمان، من استطالتهم عليه. وصب على أهل قرطبة ضروباً من التنكيل والمغارم، وانتزع السلاح منهم، وهدم دورهم، وقبض أيدي الحكام عن إنصافهم، وأغرم عامتهم، وتوصل إلى أعيانهم بأقوام من شرارهم، ففتحوا له أبواباً من البلايا أهلك بها الأمة، وتقربوا إليه بالسعاية، وقرن بجميع الناس الأشراط، ووكل بهم الضغاط، فما شئت من مكشف عن اليمين والشمال، متلول الجبين مذال القذال، قد صار شطر الناس أشراطاً على سائرهم، قلما تلقى أحداً منهم إلا بموكل عليه، حتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015