وكنت رفيقاً للوزير الكاتب أبي بكر ابن زياد، وسألني مخاطبته ليزيد عليها، فكتبت إليه في ذلك، فزاد فيها:
وكأس على طيب استماعي لصوتها ... شربت ودمع المزن يسعدني جريا
ولو أقلعت أولى عزاليه لانبرت ... رياح النوى تمري دموع الهوى مريا
خليلي هذا اليوم لو بيع طيبه ... بما حوت الدنيا لقلت له الدنيا
ولله أيامي وما خلت أنها ... تعوضي من قربها في الرضى نأيا
تولت حميدات فسقياً لعهدها ... ورعياً ولا سقياً لهذي ولا رعيا
جفتني عيون الغانيات وطالما ... سعت طول أيامي لتبصرني سعيا
وأطلع شيبي عارضاً فوق عارضي ... يسح هموماً ما علي لها بقيا
مضى عمري والدهر لي غير منصف ... يكلفني أشياء جلت عن الأشيا
فلا جيد من غيداء يشفي عناقها ... غليل صباباتي ولا شفة لميا
كفى حزناً أني أرى الحسن ممكناً ... ولست أرى لي فيه أمراً ولا نهيا
ولو تعدل الأيام في بذل خطةٍ ... لما كنت في السفلى وغيري في العليا وقال في يدك صدح سحراً:
رعى الله ذا صوت أنسنا بصوته ... وقد بان في وجه الظلام شحوب