من بنات الثمار أجملها، ومن نتائج البستان أفضلها؛ لم تطرفها عين أحد، ولا باشرها بشر بيد؛ قد صيرت من الأغصان خدراً، وأرسلت من الأوراق ستراً، فلما تكامل حسنها، وماد بها غصنها، وارتوت من ماء الجمال، وصارت في نصاب الكمال، هتكت سترها، وطرقت خدرها، فإذا هي في حلة الخائف، قد أصفرت وجلا من يد القاطف، فشربت على ودها رطلين، وتناولتها بالراحتين، ثم وضعتها في هودج خيزران، وآثرتك بها على جميع الإخوان؛ فبحرمة الكأس التي رضعنا، وأمير الظرف الذي بايعنا، إلا ما رفعت قدرها، وجعلت القبول مهرها، وجلوتها على مجلس المدام، وحجبتها عن عيون اللئام، فخصالها عجيبة، وصفاتها غريبة، إن خزنتها عطرت أثوابك، وإن أمسكتها أذهبت أوصابك، وإن أعلمت فيها غرب السكين، قرنت لك بين النرجس والياسمين، وأرتك وجنة لكئيب، على سالفة الحبيب؛ يا لها من أترجة غضة، قد صورت من ذهب وفضة! قد سرقت من العاشق سيماه، ومن المعشوق طعم ثناياه، وخصت بالحسن أجمع، وأعطيت الطبائع أربع. فصلني - وصل الله آمالك، وقرن بالنمو سعدك وإقبالك - بالأمر بقبولها، وتعريفي بوصولها، إن شاء الله.