وله من أخرى إلى ابن الحديدي بطليطلة: قد سطع - أعزك الله - من سناك وسنائك، وتضوع من نثاك وثنائك، وانتشر من علاك وحلالك، ما ضمخ مسكه اللوح، وستر نوره يوح؛ فسور سيرك تتلى في منازل الفضائل، وصور غررك تجلى في محافل الأفاضل؛ ولا غرو أن تنزع الأنفس الشاسعة تلقاءك، وتتمنى لقاءك؛ ولا بدع أن تمتد الأعين النازحة إليك، وتود أن تقع عليك، فالفضل موموق، والنفيس مرموق، وحرص الحوباء على مشافهة الأخلاء يقضي عليها باقتداح زند المخاطبة، واستفتاح غلق المكاتبة، وإذا عدم التناطق، فقد وجب التباطق، ولو أن التكاتب لا يقع إلا بعد وقوع طير التعارف، على ماء التآلف، وتفيؤ النفس، ظلال الأنس، لا نسدت أبواب المواصلة، وانبتت أسباب المراسلة. وما زلت مذ تنسمت أرج ذكراك، وتوسمت نهج علياك، أصبو إليك صبو الهائم، وأظمأ ظمأ الحائم، وأرتقب للإمكان صالحة أتوصل بها إلى مجاراتك في ميدان الاستدلال، وأتوسل بها إلى معاطاتك أفنان الالتئام والاتصال، والزمن يأبى إلا اللي، فينهد العوائق إلي، إلى أن دهمني من ضروب خطوبه بعجائب، واستقبلني