وكان أبو عبد الله قد مني في صباه بصبية نصرانية، ذهبت بلبه كل مذهب، وركب إليها أصعب مركب، فصرف نحوها وجه رضاه، وحكمها في رأيه وهواه؛ وكان يسميها " نويرة " كما فعله الشعراء الظرفاء قديماً في الكناية عمن أحبوه، وتغيير اسم من علقوه.
وقد كتبت في هذا الفصل بعض ما قال فيها من ملحه، ورائق أوصافه ومدحه، وسائر شعره بعد تقديم فصول من نثره، ما يقر بتفضيله، ويشهد له بجملة الإحسان وتفصيله.
@جملة من نثره
فصل له من جواب عن كتاب عتاب استفتحه من قول أبي الطيب:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدق ما يعتاده من توهم
وعادى محبيه بقول عداته ... وأصبح في ليل من الشك مظلم لما كان - أعزك الله - العتاب جلاء الأقذاء، وصقال الأصداء، وعقال الأدواء، وسمتني منه بوسوم، ولفحتني بسموم؛ وأسررت حسواً في ارتغاء، فأدرجت ذماً في ثناء؛ والحر يأنف من الضيم