بعدما أطمع. نعم، اتفق من الربيع وقت حلول الشمس في الحمل، وقام وزن الزمان واعتدل، وأخذ آذار على ما اعتاد، فحلى الوهاد والنجاد، وخلع على ظهور المروج، ضروب الدبابيج، وأثقل صدور الأشجار، بحلى النوار، واطبى نفوس الأطيار، بنضارة الثمار، فبعثت أشجانها، ترجع ألحانها، فما شئت من رمان تملأ كف العميد، من أمثال النهود، تحت القلائد والعقود، وتفتق عن أمثال الجمر، إن وصفت فكاللثات الحمر، أو ارتشفت فكالرضاب الخصر أو الخمر. ولما انتظمت للزمان هذه المحاسن، حنت نفس الفقه بسيادتها، إلى كرم عادتها، من الإحسان إلى الأتباع، والتسلية لنفوس الألاف والأشباع؛ فلما صعق الديك وصاح،واستغفر كل عبد منيب ربه وسبح، وهم بشن الغارة كمين الصبح من المشرق، واهتز الفجر اهتزاز الرمح في يمين الأفق، أطلق لسانه الفصيح، بالتهليل والتسبيح، ثم عاد بماء طهور، وأفرغه نوراً على نور، فوضاً وجهاً وضاء، يملأ العيون بهجة وسناء.
وفي فصل منها: وملنا إلى منزل بدوي، ذي هيئة وزي: