@فصول له تنخرط في سلك الأمان
: إن أفضل ما تناجي المسلمون به، ووجهوا بصائرهم إليه، وصححوا نياتهم فيه، ولم يلوهم لاو عنه، ولا لفتهم لافت دونه، ما قرب من رضى الله، وأبعد من سخطه، وعمل فيه بأمره، واحستب فيه خلافة رسوله في أمته، من الإصلاح بين المتحاربين وتحذيرهم في سفك الدماء، وتأريث نار الشحناء، وتوكيد رر الحقود، وإيقاظ عيون الحروب، من فساد الدين، ووهن اليقين، وذهاب الرجال، ونفاذ الأموال، واجتياح النعم، واستنزال النقم. قال تعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقةٍ أو معروف أو إصلاح بين الناس} (النساء: 114) وقال: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} (الحجرات: 9) .
فصل: إن الحرب مثكلة للنفوس، متلفة للأموال، للندامة في العواقب، تلذ مباديها للأشرار، وتنجي كلاكل عاقبتها على الأخيار. وقلما يقدح شعلها، ويغلي مرجلها، إلا فراش الشر وذبان الطمع، ممن لا يحفل بعار، ولا يستحيي من فرار، فإن هلك لم يفقد، وإن نجا لم يحمد. ثم ترتكض جماهير الناس وأولو الذكر، والأعاجم أخطاراً، والأحاسن آثاراً، في لججٍ تبعد عنها السواحل، وينوءون بفوادح تهد عنها الكواهل، فأصح