من المنظوم جواهر الأصداف. وكان جدي أحمد بن بردٍ - رحمه الله - بطول ممارسته لهذه الصناعة، برخاء اللبب والنهمة في الطلب، ودعة الزمان وإقبال السلطان، ومسافة العمر الممتدة له، قد اقتعد سنامها، ورفع أعلامها، وأصبح إمامها، وزين أيامها، وركب وسط مساقها، وأحرز قصب سباقها.
وفي فصل منه:
فإني وافقت أول معالجتي لهذه الصناعة آخر أيامه، وأوان بتات عمره وانصرامه، خلا أنه - عفا الله عنه - ولما يحل المقدور به، قد كان أقبسني مصابيح من وصاياه فيها، ووطأ لي مراكب من دلائله إليها، وضرب لي صوى من هداياته نحوها، أفاد الله بها نفعاً، وأوسع معها إرشاد. ثم إن الأيام إثر مصابه، وبعد ذهابه، باكرتني صروفها، وشغلتني برقع خروقها، ومكابدة ضيقها، وسوق الأدب قد كسدت، وجمرة السلطان قد همدت، والعي أمضى من البيان، والإساءة أحمد من الإحسان؛ وأقلامنا يومئذ في عطلة، ومحابرنا في عقله، وكتبنا تحت موجدة، وحينئذ قلت:
قرعنا بالكتابة باب حظٍ ... لندخله فزاد لنا انغلاقا