الوكيل. زاد الله الحاجب مولاي من سني قسمه، وهني نعمه، وبلغه النهاية من آماله، وصرف بعزته غير الزمان عن كماله.

وكتب إليه بعد أن صدر عن حضرته إلى قرطبة رقعةً يقول فيها:

أطال الله بقاء مولاي للنعم يطوقها،، والمنن يقلدها، والأحرار يستعبدها. يعلم الذي أسأله إعزاز مولاي، وإعلاء أمره، وصلة تأييده، وتمكين نصره، أني لم أزل منذ فارقت حضرته الجليلة، حضرة المجد والسيادة، ومحل الإقبال والسعادة، لهج اللسان بما أجناني من ثمار الحكمة والنعمة، وأفادني من عقد الأدب والنشب، فمن كبد حاسد تصدعت، وأنفاس منافس تقطعت، وناعم البال كسفت باله، ومتمن لحالي طالما تمنيت حاله، وقل لمن نال أدنى مكانة منه، ورقي أول درجة من الخصوص به، أن تحسده الكواكب في إشرافها، وتنحشد إليه الأماني من أطرافها، والله يبقيه لعبيده الذين أنا آخرهم في الخدمة، وأولهم في شكر النعمة، ويرفع من هممهم ما انخفض، ويبسط من آمالهم ما انقبض، ولا يعدمهم التقلب في نعمه، والاعتلاق بأسباب ذممه، بمجده وكرمه.

وكانت من مولاي - أعزه الله - إشارة بل عبارة أعددتها طليعة لسعود ستتوافى طلقاً، ومقدمةً لمسرات ستتوالى سبقاً؛ فلما لحق الجسم بعد تركه النفس لديه، والبراءة منه إليه، بالوطن الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015