وتكسر حدقتها، وتلولب قمحدوتها، فترى الحسن مستعاراً منها، والشكل مأخوذاً عنها، فصاحت بالبغلة: لقد حكمتم بالهوى، ورضيتم من حاكمكم بغير الرضى؛ فقلت لزهير: ما شأنها - قال: هي تابعة شيخٍ من مشيختكم، تسمى العاقلة، وتكنى أم خفيف، وهي ذات حظ من الأدب، فاستعد لها، فقلت: أيتها الإوزة الجميلة، العريضة الطويلة، أيحسن بجمال حدقتيك، واعتدال منكبيك، واستقامة جناحيك، وطول جيدك، وصغر أسك، مقابلة الضيف بمثل هذا الكلام، ولقي الطارئ الغريب بشبه هذا المقال - وأنا الذي همت بالإوز صبابةً، واحتملت في الكلف بها عض كل مقالة، وأنا الذي استرجعتها إلى الوطن المألوف، وحببتها إلى كل غطريف، فاتخذتها السادة بأرضنا، واستهلك عليها الظرفاء منا، ورضيت بدلاً من العصافير، ومكلمات الزرازير، ونسيت لذة الحمام، ونقار الديوك، ونطاح الكباش. فدخلها العجب من كلامي، ثم ترفعت وقد اعترتها خفة شديدة في مائها، فمرة سابحة، ومرة طائرة، تنغمس هنا وتخرج هناك، [قد تقبب جناحاها، وانتصبت ذناباها، وهي تطرب تطريب السرور] ؛ وهذا الفعل معروف من الإوز عند الفرح والمرح، ثم سكنت وأقامت عنقها، وعرضت صدرها، وعملت بمجدافيها، واستقبلتنا جائية كصدر المركب، فقالت: أيها الغار المغرور، كيف تحكم في الفروع وأنت لا تحكم الأصول - ما الذي تحسن - قلت: ارتجال شعر، واقتضاب خطبة، على حكم المقترح