شطراً للميدان، وشطراً للديوان، فاستجم در الخراج، ونزف دماء الأعلاج، من الأوداج.

فصل: لا نعمة للخالق على المخلوق أجمل عاقبةً، وأحمد مغبةً، وأروق بهاء، وأسبغ رداءً، وأبعد مأثرة، وأيسر مكرمة، من تقى يشعرها قلبه، وأدب يزين به عقله، ولسان مبين يفيضه عليه فيعرب به عن نفسه، ويكشف عن حقيقة ذاته، قال الله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (الحجرات: 13) وقال: {هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون} (الزمر: 9) ، وقال {سلقوكم بألسنة حداد} (الأحزاب: 19) ، وقال: {أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين} (الزخرف: 18) وقال علي رضي الله عنه: قيمة كل امرئ ما يحسن، وقال: المرء مخبوء تحت لسانه. ولذلك كانت الملوك تعدل ببنيها عن التنعم إلى شظف العيش، وتدني محالتهم من البادية، وتبوئهم منازل الفصاحة، لتحتد أفئدتهم، ونمتد ألسنتهم، وينسابوا في لصاب الدهاء، ومزاحف النكراء، فيجيدوا الحز، ويطبقوا المفصل، ويسوسوا النوب، ويكبتوا الخصوم، ويخرجوا من الغماء، ويمضوا قدماً في الشنعاء، كما قال عمرو لمعاوية:

فإن تعطني مصراً فأربح بصفقة ... أخذت بها شيخاً يضر وينفع وإن امرءاً يقابل ابن هند بهذا، وهو هو، لفضفاض قميص الأدب، طويل نجاد المعرفة، موقوف على ذروة الفضل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015