وتلوح قدرة مصرف القدر؛ والذي أشكو منه أغرب الغرائب، وأعجب العجائب، بث شاغل، وبرح قاتل، وصبر يغيض، ودمع يفيض، لعجوز بخراء، سهكةٍ درداء، تدعى قرطبة:
عجوز لعمر الصبا فانيه ... لها في الحشا صورة الغانيه
زنت بالرجال على سنها ... فيا حبذا هي من زانيه
تريك العقول على ضعفها ... تدار كما دارت السانيه
فقد عنيت بهواها الحلوم ... فهي براحتها عانيه
تقاصر عن طولها قونكة ... وتبعد عن غنجها دانيه
ترديت من حزن عيشي بها ... غراماً فيا طول أحزانيه طاب لي الموت على هواها، ولذ عندي سقي دمي لثراها:
وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذ ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا ولما استطرد طيب هذا المساق، وارفض كلمه كالماء المهراق، وخفق جناح العشق المذكور، وتدحرج وصفه كاللؤلؤ المنثور، تحركت لي أطراب، واهتز لرداء شوقي أهداب، وتمحضت نفسي فصارت نفساً، وتراكم ذاك النفس فصار كلاماً، وانتظم ذلك الكلام فصار عقداً، فقلت متغزلاً، وبما صدر في أيام السرور متمثلاً: