وله من أخرى: أنى يستطاع الكلام - أيد الله مولاي - وقد اغبرت الدنيا وأظلمت الآفاق، ونعي الإسلام، وعني به الحمام، وقامت نوادبه، وأوحشت مغانيه وجوانبه، ولكني أقول عن صعدائها، وللعين غصص بمائها، وللنفس تنفس من برحائها: لقد مات منقطع القرين، وكاليء هذا الدين، من كان - والله - ينير إذا دجت الخطوب، ويثير إذا عن الهبوب، ومن يملأ الأفواه طيب ثنائه، ويملك القلوب بشر لقائه، ومن كان يرهب الشرك صولته، ويخاف العدو وطأته، فبرد الله ثراه، وسقاه الحيا ورواه، فلو يعلم الترب ما ضم من كرم ونائل، وحلم إذا خفت الحلوم غير زائل، لطاول السماء، واعتنق الجوزاء، ولقد قلت لما غالتني فيه الغوائل:
فما كان ما بيني لو أني لقيته وبين الغنى إلا ليال قلائل
وله من أخرى: الدنيا - أعزك الله - ليست بدار قرار، والمرء منها على شفا جرف هار، وإنما هي جسر على الطريق، وعدو في ثياب صديق