إذا رأيت ما بأرضي من الأدب الماحل، والفهم الناحل، أنزلت عليها الماء فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج.
وقد طوقتني بالأديب أبي القاسم عبد الدائم - حرسه الله طوق الحمامة، وسقيتني به در الغمامة، فتنفست أنفاس العراق، واجتليت محاسن كالجمع بعد الفراق، فأنا الشاكر صنعك، القائم معك. ولقد لطف فيما ألف، وأوضع فيما وضع، فسرد المعاني أجمل سرد، ونثر الفقر نثر الجمان من عقد، وصرف المتأمل فيه بين جد وهزل، ونقله على أقتاب بين حقاق وبزل، وقد قبلت ما أهداه ووضعه على الرأس إكراما، وجعلت له الحمد لزاما وزماما، فلله أنت ولله هو! لقد شددتما أزر العلم، وأحييتما عافي الرسم، وهنيئا لقطركما لقد تدفق بكما سيله، وتفرى عن صباكما ليله؛ وتصفحت ما قرن بتلك الأسفار، من منتقى الأشعار، يتخللها من الكلم السلسال، والمثل المنثال، ما يستنزل الطير من وكناته، ويفضح عمرو البيان في نزعاته، فشهدت لقد أوتي البسطة والفنون، إن سلم من العيون.