بسطت مني ما انقبض، وهدتني إلى البيان وقد أغمض، فلم أجد في فم الشكوى ريقا، ولا إلى إيضاح ما ألقى طريقا، فلما وافى بأخذك في الصدر البشير، ووقع بلحاقك التقدير، فكأنما أنت انتشطت من عقال، وأمنت من نكس بعد إبلال، فثاب إلي من نافر القول ثائبه، وتراجع لدي غائبه وغاربه.
وله من أخرى: فرط المسرة على الإطالة باعث، وبالكلام عابث، ولا سيما إذا طلعت بعد أفول، وآذنت من خل بقفول، فلا تنكرن من مقالي، ما يميله لسان الشوق من حالي. لما تحققت [خبر] تغيبك، لا عدمت [13أ] الأنس بسببك، هاجني من ذكرك هائج، ومسني منه حرق واهج، شرد لي منامي، وردد قعودي وقيامي، وأقرح المآقي، وبلغ بالنفس الترتقي، تأسفا لبعدك، ومحالفة للهموم من بعدك.
وله من أخرى: قد أثقلتني عوارفك - أعزك الله - حتى أبقيت لي يدا تنظم، ولا لسانا يعرب عما في الضمير لك ويفهم، فأنا لك رهين أياد لا تستقل بها الركاب، ولا يقوم بشكرها الإطناب والإسهاب، وإذا كان العجز عن مجازاة برك أملك وأحصر، والعيان في ذلك عن شفوفك وتقدمك أنطق وأخبر، فالاعتراف لك بالتأخر عن مضمارك أجد ما سمعت إليه همة الآمل، وسايرت إلى مدى سبقه يد