بلطف توصلك إلى هذه الفائدة، فلو خصصت بذلك من يشاركني بالنسبة وهو قسيمي في اللحمة، لم يعدل عندي بما أوليت في جانب من أعزه الله بإتمام النعمة، فقد كان تألمي من إساءة الدهر في هضمه، وتطاول خطوبه النكر إلى ظلمه، بازاء ما يقضيه الاعتداد بفضله، والابتهاج بشرف محله؛ إذ كانت النفس تشفق من حادثة تصيب نبيها من الأخوان، فضلا عن نائبة تحل بساحة جليل من الأعيان، والله تعالى يصرف النوب عن فنائك، ويكف المحاذر دون ألاجائك، بمنه.
قال أبو الحسن: ونأخذ هنا من أخبار الوزير الأجل أبي بكر ابن عبد العزيز المذكور، بهذا الموضع، حسبما اقتضاه سرد الكلام، وأدى إليه شرط النظام.
كان أبو بكر أحد من سبق وادعا، وتجاوز ذروة الشرف متواضعا، كتب أبوه عن الوزير الكاتب أبي عامر بن التاكرني أيام وزارته لعبد العزيز ابن أبي عامر، وأبو عامر أطلع جده، وأرهف حده، وبلغ به الذرى، حتى قيل: " كل الصيد في جوف الفرا ".