كل صنف، حتى تساقطت الرعية وجلت أولا فأولا، وخرجت أقاليمهم آخرا، فأقبلت الدنيا يومئذ عليهما وعلى نظرائهما بكثرة الخراج، وتبوءوا البحبوحة بحيث لا يغادرون عدوا، ولا تطرقهم نائبة تضمهم لها نفقة حادثة، فانتعشوا وكثروا، ولحق بهم، لأول أمرهم، من موالي المسلمين ومن أجناس الصقلب والافرنجة والبشكنس عشيرتهم، ودربوا على الركوب، حتى تلاحق ببلنسية [ونواحيها] جماعة من هؤلاء الأصناف، فوارس برزوا في البسالة والثقاف، وانفتح على المسلمين [ببلد الأندلس] باب شديد في إباقة العبيد، إذ نزع إليهم كل شريد طريد، وكل عاق مشاق، وزهدوا في الأحرار وأبنائهم ممن طرأ منهم عليهم، فلم يواسوهم؛ وانتمت جماعة هذه الأخلاط الممتهنة الأصاغر معهم إلى ولاء بني عامر، وانتفت عن نسبها ابتغاء عرض الدنيا، فكثروا وازدادوا؛ وطلبت هذه العبدى المجابيب لما اتسعت لهم الدنيا فاخر الأسلحة والآلات، والخيل المقربات، ونفائس الحلي والحلل، فصارت دولتهم لأول وقتها أسرى الدول، ولحق بهم كل عريف، ورئيس كل صناعة معروف، فنفق سوق المتاع لديهم، وجلبت كل ذخيرة إليهم.

وشرع هذان الرئيسان مظفر ومبارك، لأول سلطانهما هنالك، في بناء بلنسية وتحصينها وسد عورتها بسور أحاط بالمدينة، تحت أبواب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015