وكانت قصاراه تتبع المحقرات، وبعد لأيٍ ما ارتقى إلى كتابة بعض الولاة، فلما كان من خلع الملوك ما كان، أوى إلى إشبيلية أوحش حالاً من الليل، وأكثر انفراداً من سهيل، وتبلغ بالوراقة وله منها جانب، وبها بصر ثاقب، فانتحلها على كساد سوقها، وخلو طريقها، وفيها يقول (?) :
أما الوراقة فهي أيكة حرفةٍ ... أوراقها (?) وثمارها الحرمان
شبهت صاحبها بصاحب إبرة ... تكسو العراة وجسمها عريان ولقد رأيت له عدة مقطوعات في الهجاء، تربي على حصى الدهناء، وهو فيه صائب السهم، نافذ الحكم، طويت عليه كشحاً، وأضربت عن ذكره صفحاً، وربما ألمعت منه بالأقل، لترى فتستدل، ولو استجزت أن أثبت في هذا الكتاب، بعض ما له في هذا الباب، لتحققت أنه بالجملة بائقة محاجاة، وصاعقة مهاجاة، وقد كتبت من ذلك في كتابي المترجم ب - " ذخيرة الذخيرة " جملة موفورة، له ولطوائف كثيرة، وفيما أوردت مع ذلك هنا من شعره، لما أجريت من ذكره، حجة فصل، وشاهد عدل.