نزف البكاء دموع عينك فاستعر ... عيناً لغيرك دمعها مدرار
من ذا يعيرك عينه تبكي بها ... أرأيت عيناً للبكاء تعار فتتصل حينئذ رحم لا تخفى، وتحصل قرابة لا تجفى؛ وإن كنت نكرت ما نكرته، ونظرت ما نظرته، من ابتدائك بالتسآل والتكليم، وترفعتي إياك ما لا أدعيه فضلاً عن أن أقتضيه من الترفيع والتقديم، بخمولي ونباهتك، وذلي وعزتك، وبعدي عن بلدي وعددي، وكوني في طينتك ومدينتك، وبين قبيلتك وفصيلتك، وجيرتك وعشيرتك، وحاشيتك وغاشيتك، وصنائعك وتوابعك، فقد قال ابن عباس، رضي الله عنه: " إن لكل داخل دهشةً فابدأه بالتحية "، وإذا أطلق الحكم بهذا للبعيد والقريب، فما ظنك بالغريب مثلي (?) المنكوب -!
ونترك ما استعر إلى هلم جرا، وأطول به دهراً، فربما تلاقينا، وكأنا ما تراءينا، لا كلام ببينت شفة، ولا إيماء بطرف أنملة، واللوم في هذا كله يسقط عني، كما يضيق العذر عنك، بقضية سنة الاسلام في السلام، في أني ألقاك راكباً وأنا ماشٍ، وأنت بحمد الله طائر، وأنا - ولا كفران بالله - واقع [142أ] وعلى الطائر أن يغشى أخاه. وإن طمح بك، وحط من قدري عندك، إدبار الأمر عني وإقباله عليكن ففيها ما فيها، وما أرضاها لك طريقة، فالكريم يجل الكرام، وإن قلت: إني أدعو إلى مباعدتي، وأبعث على مقاطعتي، باستبهام خلقي، وإظلام أفقي، وثقل حواسي، وقلة استثنائي، فهذا من لم تغره رقة الحضر اللطيف (?) ، وقد