ولو على قدمي، ولا أخاطبه إلا بفمي لا بقلمي، لكن هي الأيام وعواديها، والأقدار ومجاريها، ولو أعطيت أعنة الاختيار، لطرت إلى جنابه كل مطار، ولكنت في بابه أوثق مسمار، وإن كانت مهلة انحشرت في زمرته، وتشرفت بخدمته.

وله من أخرى: لو أن جهتي غضة على مطاويها، لم تؤثر أيدي الغير فيها، ولا تحيفتها الفتن بحوادثها، ولا نظرت إليها المحن بكوارثها، لوجب علي المبادرة إلى الهجرة، والتحول إلى الحضرة، التي الفقيه الأجل القاضي سيد الأمة فيها، وبيديه أزمة أوامرها ونواهيها، ولحق على مثلي الانحياز إلى فئته، والانحشار في زمرته، والانحياش إلى جنته، ولكان تنقلي لذراه، لتقيل بعض سجاياه، على حسب قدرتي، ومبلغ منتي، ومنتهى قوتي، ولعذت بعلاه من أن أرجع أعرابيا بعد الهجرة، وبدويا بعد لزوم الحضرة، فكيف أنا آخذ من اجتبائه بأوفر قسم، وأضرب في ولائه بأوفر سهم -! وجهتي خاوية على عروشها، خلية من أنيسها، فبينها وبين النصارى، أقصر من إبهام الحبارى، هي مجر عواليهم، ومجرى مذاكيهم، ومورد صاديهم، وموقد صاليهم، ومخفق أعلامهم، ودرية سهامهم (?) ، ومسرح جيادهم، ومركز صعادهم: الخروج عنها غنيمة، والسلامة فيها هضيمة، ومن تفرد بالجلالة تفرد عمادنا، وتوحد بالسيادة توحد مصادنا، استجنى مؤمله من الليالي والأيام، ثمرة بسوقه على الأنام، ولم يزل يستثني هبة تلك المخايل الراعدة البارقة، ويقتضي عدة تلك الشمائل الصادقة. وها أنا بين يدي اختباره، فليجد في اختياره (?) ، فإن رأى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015