ممر سهمي فأقف وأنصرف، ومنتهى علمي فأنصف وأعترف؛ وأما العذر الذي بسطته في معنى الوهم، فقد كنت غنيا عن مد أوضاحه، وحريا باطراحه لاتضاحه، وهيهات أن يلتبس عليك الغريب، فكيف القريب -! أو يشتبه لديك الخفي، فكيف الجلي -! وما حسبته إلا تميمة في صدر الكتاب، تصرف عنك أعين الكتاب.

وبعد - باعدتك الأسواء - فإن رسمي في صناعة الكتابة قد دثر، ونظمي في ضبط معانيها قد انتثر، ولم يبق عندي إلا أثر خراب، أو لمع سراب، فإذا امتريت خلفها در بعسر، وعلى قسر، وتحلب رسله بضجر، كأنما يتفجر من حجر. وهي خطة مدارها على الإقبال، وفراغ البال، وزمامها في يدي الشباب، مع توكد الأسباب؛ وأنا - أعزك الله - قد عطلت صهوة جوادها، ونزلت عن ذروة أعوادها، فلا ترهقني فيها عسرا، ولا تحملني من مناهضتك إصرا، وتوخ بفضلك معي جانب الترفيه والتخفيف، وتقبل مني عفو اليسير اللطيف، وأقرأ عليك من سلامي ما يربي على القطر، ويزري بعنبر الشجر، ويبقى ميسمه في صفحة البدر.

قال ابن بسام: قول أبي القاسم: " وما حسبته إلا تميمة في صدر الكتاب " احتذى في ذلك حذو أبي المغيرة بن حزم، في فصل خاطب به ابن عمه الفقيه أبا محمد بن حزم في حرف همزه، مما لا يهمز، فقال له (?) :

ومن أين نفذ صبرك حتى همزته همز عامر بن الطفي، قرنه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015