فوضعته لرأسي إكليلا، وصرت به على الدهر أميرا، وكيف لا و [قد] ملأ عيني نورا وقلبي سرورا، ويدي مسكا وكافورا، وداخلت نفسي منه قوة لا أعرفها، فكيف أصفها، ولا أدريها، فكيف أحكيها - وهي - أظن - ما يداخل المضل إذا أنشد فوجد، والمقل إذا استعدى على الدهر فأعدي بنغبة الحيا، فقال: يا رفاه، فرحا بسقياه، وأنا أقول ذلك ألفا، وأضع خدا وأرفع كفا، فرحا بما أولى عمادي - أعلى الله قدره - من مسار متناصرة، ومبار متظاهرة، لا ينبري إليها شكر، ولا يحتوي عليها حضر، ولولا رجائي - بلقائه، واعتزائي إلى ولائه، ما حاسنت البقيع المزهر بشجرة، ولا ماتت الربيع المخضر بقطرة، وأرجو أن يسمح بالعفو، ويصفح عن الهفو، ويلقي عليه ستر معروفه، ويغطيه بسجف من سجوفه، والله تعالى يقيه ويبقيه، مشكورا أياديه ومساعيه، قريرة عيون أودائه وأوليائه فيه؛ ومن سلامي على عمادي المعظم، وإمامي المقدم، ما لا يخلف مكانه قطر، ولا ينوب منابه زهر، ولا يقوم مقامه عنبر، ولا يشق قتامه مسك أذفر، يلوح بلغة لكل رامق، ويفوح عبقه لكل ناشق، ما أديل لشارق، وسارب بطارق، والسلام.
فكان من جواب الوزير الفقيه أبي القاسم له على ذلك ما نسخته: تمهدت لك يا عمادي أكناف الهمم، ودرت عليم أخلاف النعم، وألقت إليك مكنون ضمائرها ومصون جواهرها أصداف الحكم، فما أتم فضائلك وشمائلك، وألم (?) بأنوار المحاسن خمائلك، وأسمح بكل جوهرة ثمينة ولؤلؤة نفيسة بحارك، وأنفح الآداب بل بأرواح الشباب أصائلك