من طراز الإكرام، نزع إليه بجياد الحمد من مربط الكلام؛ ولم يزل يمري خلف الطلب، بيد الأدب، ويسري في ظلام الأمور، بسراج المنظوم والمنثور، حتى إذا رأى تلك الأسباب رثاثاً، وعاين مبرم وسائلها أنكاثاً، طلق عرس الشعر ثلاثاً، وصار لا يرى نجعة الأدب، ولو أوطأته على أرض الذهب؛ فمن سماه أديباً فقد عقه، أو وسمه بشاعر فقد أبطل حقه؛ حتى إذا لقي من كريم صوناً، وعلى ما يحاوله عوناً، ذكر فشكر، بثناء كالزهر، تحت أنداء السحر، وأمسك من الآداب، على هذا الذناب، ولولا أن يسر بهذا القدر ذا قدر، لصدق الحملة، ومحاها من صدره جملة، ونزع إلى تصوف يحمد فيه رأيه، ويجنيه ثمر العيش منه سعيه؛ فقد سئم تشبهه بالعيال، ودخوله تحت المنن السابغة الأذيال. وغرضه منك - أعزك الله - رأي أصيل، وإرشاد جميل، وتأنيس يسهل به وعر الزمان، ويثني إليه - إن شاء الله - شارد الأمان.

وله من أخرى: أعزك الله - في الاحتماء حسم الداء، ولا عدو للإنسان إلا نفسه، ولا حية ولا عقرب إلا جنسه؛ وليس في الحيوان، أخبث في ذاته من الإنسان؛ فالاحتراس كل الاحتراس، والمعاشرة الجميلة للناس؛ فأبصر بصيرتك، وأحسن سريرتك، ولا تلدغن من جحر مرتين، واذكر المثل السائر في اللاعب بين وتدين؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015