ولما اتفق أن يكون علي بن بسام هذا سمي، واجتمعت بالوزير أبي محمد عبد المجيد بن عبدون أول لقائي له بشنترين في جملة أصحاب المتوكل، فأول مجلس اجتمعت معه فيه، وسمع بعض الإخوان يدعونني باسمي، فقال لي: أنت علي ابن بسام حقاً - قلت: نعم، قال: أو تهجو حتى الآن أباك أبا جعفر وأخاك جعفراً - قلت له: وأنت أيضاً عبد المجيد - قال: أجل، قلت: وحتى الآن فيك ابن مناذر يتغزل - فضحك من حضر لهذا الجواب الحاضر. وخبر ابن مناذر مع عبد الوهاب الثقفي أوضح من أن يشرح. وكان من أجمل فتيان ذلك الأوان، وآدبهم وأظرفهم، فكلف به ابن مناذر وتعشقه، فاعتبط لعشرين سنة، فرثاه بذلك القصيد الفريد، الذي يقول فيه:
فلو إن الأيام أخلدن حياً ... لعلاء أخلدن عبد المجيد وأما صفات المعذرين من الغلمان، فقد جرت خيول فرسان هذا الشان، بهذا الميدان، وتفننوا في ذلك نثراً ونظماً، وتطاردوا فيه مدحاً وذماً. وممن ذمهم من أهل عصرنا عبد الجليل، حيث يقول:
وأمرد يستهيم بكل وادٍ ... وينصب للشجى خلداً صليبا
دعوت دعاء مظلوم عليه ... وكان الله مستمعاً مجيبا