فإذا ماء غدق غطاه العرمض، والظل يفيء عليه، فشربوا منه وارتووا، فلما بلغوا النبي، صلى الله عليه وسلم، وأخبروه القصة، قال لهم: ذلك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها، خامل في الأخرى منسي فيها، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء إلى النار.
وقال ابن الملح من أخرى في المعتضد بالله:
نشرت للحمد طيباً عن شذا نفسٍ ... بعثته عن ضمير غير متهم
فنورت بالقوافي روضة أنف ... في تربة العقل تسقى وابل النعم
لي الثواب فلم أرجع لمشكلةٍ ... عن اليقين ولم أعكف على صنم
لي همة ما يزال الدهر يطلبها ... وما تزال من التأميل في حرم
وما تحملتها في ظهر فاحشةٍ ... ولا وقفت بها في برزخ التهم
ما لي وللناس عمت لي منابتهم ... تباين اللمس ولم تضغط بمزدحم
تمزقت بردة الإنصاف بينهم ... في منكبي ولم تضغط بمزدحم
ليقصر الدهر خصمي لست مكترثاً ... من الخصوم وفي بيت الندى حكمى وله فيه من أخرى:
قد صرت في أخرى المقاصد فانصرف ... وشرعت في شتى الموارد فاصدر [88ب]
واختر لهذا الدر أجياد العلا ... يزدن فحسن الجيد زين الجوهر
واشهد صروف الدهر تظفر عندها ... بالظافر ابن أبي الكرام وتنصر
فصغير مرأى العين عن بعد المدى ... كالنجم أصغره تنائي المنظر