ومنهم الوزير الفقيه أبو بكر بن الملح
قال ابن بسام: وأبو بكر، فرد من أفراد العصر، وهو من بيت أصالة، وبحبوحة جلالة، وفارس ميداني الزهد والبطالة، وشاعر ناد، وخطيب أعواد، غبر صدراً من زمانه لا يحفل بعاذل، ولا يصغي في الفتوة إلى قول قائل، وكان في ذلك أحسن من التوريد في الخد، وبمكان الحلمة من النهد، والدين في أثناء [87ب] تلك الوهلة، وبين خصاصات تلك الغفلة، يستطيل غيبته، وينتظر أوربته، فلما أقصر باطله، وأسمعه عذاله وعواذله، تلقاه باليمين، واشتراه بالثمن الثمين، فأصبح سجير عنزة ومنبر، وأمسى سمير مصحف ودفتر؛ وفي ذلك يقول من أبيات:
وكنت فتى الكاس عهد الشباب ... فصيرني الشيب شيخ الدعاء ومد لأبي بكر هذا العمر وعاش إلى وقت تحريري هذا المجموع سنة خمسمائة، وتوفي رحمه الله في شهر رمضان منها؛ وقد أثبت من شعره ما يملأ الأسماع بياناً، ويبهر الطباع حسناً وإحساناً.