فازداد حنقاً على ابن عمار الحائن، وحرك ضغنه الساكن، فقال لأحد الصقالب: سل ابن عمار كيف وجد السبيل، مع عظيم الترقيب، إلى إفشاء ما أخذت معه فيه، فلما سأله أنكر، قال المعتمد: فما أراد بالكاغد الذي طلب - قال: إنه أخبر أنه كتب إليك فيه بشعر، قال: هو في ورقة مفردة، فما فعل بالأخرى من الزوج الكاغد المبعوث به إليه - قال: كتب مسودة ذلك الشعر، قال المعتمد: خذها منه لأقف على ذلك؛ فلما لم يجد بداً من النطق بالصدق، رجع إلى الحق، وقال: إني خاطبت الرشيد بما وعدني به مولانا من العفو، فاتقد المعتمد، وقام من فوره كما كان، وأخذ طبرزيناً، وجاء إلى موضع ابن عمار الذي كان فيه مسجوناً، ودخل إليه، ففزع - كما كان في قيوده - إلى تقبيل رجليه، فضربه به، ثم أمر بأن يم عليه، وأخرج ووري في قيوده، خارج باب القصر المبارك المعروف في إشبيلية بباب النخيل، فمضى رحمه الله على هذا السبيل. واتفق بأن وقع حفر بموضع رمسه من ذلك المكان، لبنيان عرض فيه بعد نيف على عشرين سنة من مقتله، فأخبرني من شهد إخراج جمجمته وأعظم ساقيه بكبله وهي رميم، " وعند الله تجتمع الخصوم ". وما وقفت في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015