ومن أخرى: بلغني من ثناء الوزير الجليل، النقاب العلامة النبيل، سيدي وسيد أهل مصره، بل وقته وأعصار خالية قبل عصره، ما فغم أنوف النجوم، وأرغم معطس حاسدي بمذلة الوجوم، وإنما يثني من رهين شكره، ومعظم شأنه الرفيع وقدره، على سهم ذربه، أو شهم قد دربه، أو تلميذ أدبه وعلمه، فكان له الفضل الأكمل بأن كلمه، فكأنه - أعزه الله، بحكم جلاله - أمير شهد لنفسه فتوقف بين حد القبول، وبين ما في رد شهادته من خوف الخبول، وهبه من كلم مكلوم الهاجس، مكدوم السيات والمعاجس، قد صحت فيه الدعوى لصاحب، ومحت الشبهة في سبقه بأوضح لاحب، أي خلل سد، وأي سلب استرد، لا بل أي خطب درأ، ووطب ملأ -! فإذ قد اعترض على ما قد انحل من الإحسان، مقدور الحرمان، فإذا في حيرتي به حسرتي، وفي الفقرة الطالعة فاقرتي، وفي حطي لها حظي، ولا فائدة لهذه الأسجاع، سوى تحيرك أشجان وتوليد أوجاع، فإن رأى - أعزه الله - أن أنبذها بالعراء، وأطلق منها داعية الضراء، فقد وافق إرادتي، واختار لي أجدى من مكذوب إجادتي، والله يقدر الوزير الجليل - سيدي وسيد أهل عصره - حتى يشكي من شكا، كما لم يزل يرق لمن بكى، ويصيخ للمكروب إذا شكا، بعزته.