تيجان الأكام، بنطف الغمائم السجام، فاهتزت القطارية لذلك القطار، واشتملت على محسنها من الأوطار، وضحك ثغر الروض بعد عبوس، ونقل إلى سعة الرحمة من ضنك البوس، وسحبت فواهق الأنهار مذانبها، ونشرت عرائس الأزهار ذوائبها، ناظمة من لآلئ الطل عقودها، مالئة لبتها من جوهره الرائق وجيدها، تفوح مجامر أزهارها، وتلوح خفيات خفيات أسرارها، في مرائي أنوارها، فترمي الذاهل برياها، وتحيي النائم وما حياها، مؤذنة بادراكها، على لسان مسكها في ساحة مداكها، وقام من مترنم الأطيار، على منابر الأشجار، خطيب يتلو ما جر من الثناء، على سابغ النعماء، وسائغ رحيق الآلاء. فيا لها نعمة ما أحسن موقعها، ورحمة ما ألطف محلها، من النفوس وموضعها، لقد بردت حر الأكباد، وشفت غليل القلوب الصواد، وفديت بنفائس النفوس والأولاد، نفست خناق الآمال، وحلت عقال الإقبال، وكادت تجري الأرواح في الرمم البوالي والحمد كما لله حض عليه منتهى الحمد، ومبلغ الوسع والجهد، وما لا يحصره العد، وما شاء تعالى من شيء بعد.