أهله، وأخذت الغناء من محسنات قيانه، فنظرها عبد الملك يوماً فراعته، وهان عليه لفرط عفته زواجها، فأنكرت عليه ذلك والدته، فاستراح في الأمر مع عيسى فصوبه له وأمضاه. وبنى عبد الملك بها، فحقدت أمه على عيسى. ثم اتهم آخراً بالعظمى من مداخلته للولد أبي بكر هشام بن عبد الجبار بن الناصر للقيام على عبد الملك وأخذ الملك عنه. وكان عيسى لا يحضر مجلس شراب عبد الملك إلا في الندرة أو الدعوة تقع؛ استعفاه من ذلك لضعف شربه، فأمكن أعداءه القول فيه لغيبته بما شاؤوا، وزاد الأمر حتى تنكر له عبد الملك، ففهم عيسى بعض ذلك لقوة حسه، وأهمته نفسه، وأعمل الحيلة في خلاصها؛ فسما عند ذلك إلى الغدر بالعامرية أولياء نعمته، والانقلاب مع المروانية الموتورة بدولته، وإقامة الولد أبي بكر هشام المذكور على الخليفة هشام المؤيد ابن الحكم، وأخذ الخلافة عنه لضعف استقلاله والقطع لدولة ابن أبي عامر قطعاً لا بقية معه. وكان عيسى خليطاً لهشام بعد المنصور صاحبه، محمولاً ما بينهما على السلامة، فدعا هشاماً إلى ذلك وراسله سراً ولقيه خفيةً، وقرب له مأخذه على يده لمنزلته من آل العامرية، وأن جندها لا تخالفه بحيلة. فاستجاب هشام، فيما ذكروا، وأخذ بيعته عليه، وساعده جماعة، وكاد يتم الأمر