ومأوى الطريد. وكان من الغريب النادر أن شاركه المعتضد بقطعةٍ من خيله أوصلته إلى مأمنه بقرطبة.

ثم سقط إلينا النبأ بعد امتداد يده إلى البكري بولبة وشلطيش؛ وكان هذا الفتى أبو زيد البكري وارث ذلك العمل لأبيه، وكان أبوه من بيت الشرف والحسب والجاه والنعمة، والاتصال القديم بسلطان الجماعة، وكان له ولسلفه قبل إسماعيل بن عباد جد المعتضد وسائل وأذمة خلفاها في الأعقاب اغتر بها عبد العزيز البكري، فبادر البعثة إلى المعتضد ساعة دخل لبلة يهنئه بما تهيأ له منها، وذكره بالذمام الموصول بينهما، واعترف بطاعته، وعرض عليه التخلي عن ولبة، وإقراره بشلطيش إن شاء، فوقع له ذلك من المعتضد موقع إرادة، ورد الأمر إليه فيما يعزم عليه، وأظهر الرغبة في لقائه، وخرج نحوه يبغي ذلك، فلم يطمئن عبد العزيز إلى لقائه، وتحمل بسفنه بجميع ماله إلى جزيرة شلطيش، وتخلى للمعتضد عن ولبة، فحازها حوزه للبلة، وبسط الأمان لأهلها، واستعمل عليها ثقةً من رجاله، ورسم له القطع بالبكري، ومنع الناس طراً من الدخول إليه، فتركه محصوراً وسط الماء إلى أن ألقى بيده من قربٍ ولم يغرب عنه الحزم، فسأل المعتضد أن ينطلق انطلاق صاحبه، فأمنه، ولحق بقرطبة، وبوشر منه رجلاً سرياً عاقلاً عفيفاً أديباً يفوت صاحبه ابن يحيى خلالاً وخصالاً إلى زيادة عليه ببيت السرو والشرف، وبابن له من الفتيان بز الأقران جمالاً وبهاءً وسرواً وأدباً ومعرفة، يكنى أبا عبيد. وتحدث الناس من حزم عبد العزيز يومئذ أنه لما احتل بشلطيش علم أنه لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015