أخاطبك مذكرا، أو بأي مقال ألاطفك مصبرا، وقد أذهلتني فجأة الخطب، وتركتني طائر القلب واللب، وقد رماني ساعد الزمان حين رماك، وأصماني سهمه كما أصماك، وثارت إلي فجائعه من حيث ثارت إليك، ودارت علي وقائعه من حيث دارت عليك. ولو كان ما طالعني خطرة حلم، لكفى به داعية بث وألم، فكيف إذا كان يقينا يقطع أمل المؤمل، ويبطل رجاء المرتجي المتعلل -!

وورد كتابك الجليل ناطقا بلسان الرزية، مقصدا سهم الفجيعة في المعتز بالله، ابنك، ومعتمدي - كان - فإنا لله! ! أي زرء ما أفظعه في القلوب، وأي خطب ما أشنعه في الخطوب، وأي مصاب ما أحقه بالأسى ونبذ الأسى، لولا أمر الله تعالى. ولا أجد - أيدك الله - لهذه الفادحة قدرا، ولا أقيس بها أمرا، ولا أكاد أقول في مثلها صبرا، فإنها سالبة الأذهان، وجامعة الأحزان، وخبيثة الحدثان، وكبيرة نوائب الزمان.

وفي فصل منها: ونحن مأمور فينا، ومحكوم علينا، يملكنا خير المالكين، ويحكم فينا أعدل الحاكمين، ولو شاء الله لم يخلقنا، فضلا عمن خلق منا ولنا، وقد أنعم عليك بنعمى متعك بها ما شاء، ثم صنع في بعض ما شاء، فإن تقابل بالاحتساب قدره النازل، وبالتفويض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015