الباب السادس في التواضع والكبر وما إليهما

الباب السادس في التواضع والكبر

وما إليهما

ولما كان التواضعُ مَجْلبةً للمودّة، والكبر مَدْرجةَ العداءِ، حتّى قال بعضهم - وقد قيل له: ما التواضع؟ فقال: اكتسابُ المودة، فقيل: ما الِكْبر؟ فقال اكتسابُ البُغْض - لمّا كان ذلك كذلك ألحقنا عبقرياتهم فيهما بباب الحلم وما إليه.

حدّ التواضع والكبر

التواضعُ فضيلةٌ بين الضَّعَةِ والكِبْرِ، قال الراغب: التواضعُ مشتَقٌّ من الضَّعَةِ وهو: رضا الإنسانِ بمنزلةٍ دون ما يستحقُّه فضلُه ومنزلتُه، وهو فضيلةٌ لا تكاد تظهر في أفناء الناس، لانْحطاطِ درجتهم، وإنّما يتبيّن ذلك في الملوك وأجِلاء الناسِ وعُلمائِهم. وهو من باب التفضُّل، لأنّه يترك بعضَ حقِّه، قال: وهو بَيْنَ الكِبْرِ والضَّعَة: فالضعة: وضع الإنسان نفسَه بمحلٍّ يُزري به، والكِبْرُ: وضعُ نفسه فوق قَدْرِه، أو هو: ظنُّ الإنسانِ أنّه أكبرُ مِنْ غيره، والتكبُّر إظهارُ ذلك. وهذه صفةٌ لا يستحقّها إلا اللهُ عز وجل، ومن ادّعاها من المخلوقين فهو فيها كاذبٌ، وكذلك صار مَدْحاً في الباري تعالى، وذمّاً في البشر، وإنّما شرف المخلوق في إظهار العبودية كما قال تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015