وقالت الحكماء: لسانُ الحالِ أصدقُ مِنْ لِسانِ الشُّكر: وقد أجاد ابن الرومي في هذا المعنى فقال:
حالي تبُوحُ بما أَوْلَيْتَ مِنْ حَسَنٍ ... فكُلُّ ما تَدَّعِيه غَيْرُ مَردُودِ
كلِّي هِجَاءٌ وقَتْلي لا يَحِلُّ لكُمْ ... فيما يُداوِيكُمُ منِّي سِوَى الجودِ
وقالوا: شهاداتُ الأحوالِ أعدلُ من شهاداتِ الرِّجال.
قالت بنو تميم لسلامَةَ بن جندل: مَجِّدْنا بِشِعْرِك، فقال: افْعَلوا حتّى أُثني، ونحوُه قولُ عَمْرو بن معد يكرب:
فلَوْ أنّ قومي أنْطَقَتْني رِماحُهُمْ ... نَطقْتُ ولَكِنّ الرِّماحَ أجَرَّتِ
أجرَّت: قطعت، يقول: لو قاتل قومي أو أبلَوْا لذكرت ذلك وفخرت به، ولكن رماحَهم أجرَّتني: أي قطعت لساني عن الكلام بفِرارهم، أراد أنهم لم يقاتلوا.
وقال بعضُ الأكابر لأبي هفّان: مالك لا تمدحني؟ فقال:
لِسَانُ الشُّكْرِ تُنْطِقُهُ العَطَايا ... ويَخْرَسُ عند مُنْقَطَعِ النّوالِ
وعاتب يوماً محمد بن عبد الملك الزيات الوزير أبا تمّام على مدحه سواه فاعتذر إليه بأبياتٍ يقول فيها:
أمّا القوافي فقَدْ حَصَّلْتَ عُذْرَتَهَا ... فما يُصابُ دمٌ منها ولا سَلَبُ